المفلسون.. وجنون البقر... 

في ساحة الشرف، حيث لا صوت يعلو على صوت الواجب، وحيث لا مكان للمتلونين ولا للمأجورين، هناك رجال صنعوا المجد بأقدام ثابتة على الأرض، وقلوب لا تعرف الخوف، وسواعد لا تنثني أمام العواصف، هناك، حيث تقف الحقيقة عارية أمام ألسنة الكذب، تتجلى قوات "درع الوطن" كالسيف المسلول في وجه الفوضى، وكالدرع المتين في وجه المتربصين.  

قوات درع الوطن، تلك القوة النقية من شوائب السياسة، الصافية من أدران الولاءات الضيقة، هي اليوم صمام الأمان لكل جنوبنا العزيز؛ تنتشر بثبات في الشرق والغرب، من السواحل حتى تخوم الجبال، كأنها سياج من نار يحمي الأرض والعرض، لقد بات العابر في الدروب المظلمة يطمئن، لا يخشى إلا الذئاب، أما الذئاب البشرية فقد دحرت، وانكسرت أنيابها على صخرة "درع الوطن"،أي مداد يمكن أن يفيهم حقهم؟ وأي لغة تستطيع أن تحتضن أسماءهم دون أن ترتجف من هيبة ما صنعوه؟ إنهم رجال لا يتحدثون كثيراً، ولكن أفعالهم تكتب تاريخاً جديداً، سطره المجد بمداد من دماء الشهداء، ونقشه الفداء على جبين الجنوب.  

وفي مقدمة هؤلاء الأبطال، يتقدم القائد العام لقوات درع الوطن، العميد الباسل بشير المضربي. رجل لا يرتدي البزة العسكرية فحسب، بل يرتدي معها الضمير الوطني، والحنكة القيادية، والبصيرة التي ترى أبعد من المتخاذلين، وتصنع من ركام الغدر جسراً نحو الكرامة ، وصوت الحكمة في زمن الضجيج، هو من صاغ فلسفة "درع الوطن" على قاعدة:"لا مكان للخوف، ولا تهاون مع المتسللين إلى جسد الجنوب"، فكان حارساً للأرض، ودرعاً للكرامة، وسيفاً مسلطاً على رقاب المتآمرين.  

لكن، ما بال بعض الأقلام التي تجردت من شرف الكلمة؟ تبخرت منها المصداقية، وسقطت في مستنقع السفسطة، فصارت تهاجم رجال الوطن وتشكك في أفعالهم؟ أهو إفلاس فكري؟ أم هو جنون البقر وقد ضرب عقولهم، فصاروا لا يفرقون بين الجلاد والضحية؟  

تلك الأقلام التي باعت ضميرها على أرصفة الضغائن، لا تملك من النقد سوى صراخ أجوف، ولا من الحجة سوى القذف والتشويه. يهاجمون "درع الوطن" لأنهم عجزوا عن فهم معادلة الشرف، ويطعنون في القائد لأن صورته انعكست على سواد أفئدتهم فبدت لهم نوراً يحرقهم.  

فليعلم أصحاب الأقلام المرتعشة أن "درع الوطن" لم تخلق لتنال رضاهم، بل وجدت لتقيم العدل، وتكسر أنياب الفساد، وتطهر الأرض من رجس العصابات ،هي الدرع لأن السواعد التي تحملها لا تعرف سوى لغة الحق، وسيوفها لا تهادن الأيادي الآثمة.  

وليعلم المتربصون أن الجنوب اليوم ليس ساحة فراغ، بل ميدان عامر بالرجال، محروس بـ"درع الوطن"، ومحصن بقيادته التي لا تنام ،من المهرة إلى باب المندب، تسير الأرتال، وتنتشر الدوريات، وتخضع الطرقات لرقابة صارمة، فلا مهرب للخارجين عن القانون، ولا مأوى لمن يحاول العبث بكرامة الناس.  

لقد انتهى زمن الارتباك، وولى عهد الهشاشة، واليوم الجنوب يمضي بثقة نحو استقراره، تحرسه سواعد "درع الوطن" التي لا تعرف التراجع، ولا تفهم لغة الانكسار. 

 إن من يشكك في بطولات قوات درع الوطن، إنما يشكك في صمود الجنوب نفسه، في كرامة أهله، وفي قدسية الدماء التي سفكت لتبقى الأرض مصونة، وإن من يقذف هذه القوات النبيلة بالتهم، إنما يقذف القلاع التي احتمى بها الشعب، ويهدم الجسور التي عبرنا بها نحو الاستقرار.
قوات درع الوطن هي عقيدة وطنية راسخة، ومدرسة في الانضباط، ومثال في الولاء؛ إنها صمام الأمان الذي يلتف حوله المواطن، ويثق به، ويطمئن إليه الطفل في حضن النوم، والمرأة في ظل الحياة.  

لقد أثبتت هذه القوات أن الجنوب لا يؤخذ على حين غرة، ولا يركع بالفتن، ولا يهدد بالمرتزقة، فحيثما تحركت قوات درع الوطن، تحررت الأرض من الخوف، واستنشق الناس هواء الكرامة، وسقطت الأقنعة عن الوجوه الزائفة.  
ولكن، وكما في كل معركة تظهر المعادن، وتغربل النفوس، فقد خرجت من بين الركام أصوات مأجورة، وأقلام فقدت ماء وجهها، تهاجم ،درع الوطن، لا لذنب اقترفوه، بل لأنهم نجحوا حيث فشل الآخرون، وثبتوا حيث سقط المتلونون ؛إنها أقلام الإفلاس، أقلام لا تكتب إلا بالسم، ولا تنطق إلا بالتحريض، وكأنها قد أصيبت بـجنون البقر، فلم تعد تميز بين الوطن والعدو، بين الحارس واللص، بين الدرع والخنجر، ألسنة مأجورة، حين ترى قائدًا كالمضربي، تشعر بالضآلة، فتسعى لتشويه قامته، وحين ترى الجنوب يسترد أنفاسه، ترتعد، لأن وجودها مرهون بالفوضى، لأن أقلامها لا تحيا إلا على فتات الفتن، ولا تزدهر إلا في ظلال التآمر.  

لكن فليعلموا، أن النباح لا يطفئ نور الشمس، وأن الكلمة الخبيثة لا تقتلع شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، هذه القوات الحارس الأمين،والقلب النابض لأمن الجنوب، والذراع التي تردع، والعين التي ترصد، والضمير الذي لا ينام.  

فيا أبناء الجنوب، لا تنظروا لمن سقطوا، بل انظروا لمن نهضوا ،لا تلتفتوا لصراخ المفلسين، ولا تنخدعوا بهذيانهم، فمن أراد أن يعرف أين يقف الحق، فلينظر إلى حيث تقف، قوات درع الوطن، ومن أراد أن يعرف من يحمي الأرض، فلينظر إلى حيث يمضي العميد بشير المضربي، على درب لا يسلكه إلا الأبطال.  

الجنوب اليوم أكثر أمنا، لأن خلف كل شبر فيه، هناك جندي من،درع الوطن، يحمل روحه على كفه، ويقسم أن لا يتسلل الخوف إلى دروب الناس ما دام حيا.  
فليكتب من يكتب، وليصرخ من يصرخ،أما الأرض، فشاهد لا يكذب، والتاريخ لا يملى عليه،ودرع الوطن باق كالسيف، لا يصدأ.