خروج الشعب من صمت الجوع

في وطنٍ كان يُباهي بجماله وثرواته، أصبح الجوع عنوان المرحلة، والخروج للشارع فعلاً وجوديّاً لا يُحتمل تأجيله. المواطن اليوم لا يبحث عن رفاهية، بل عن لقمة يسد بها جوع أطفاله، وعن دواء يخفف أنين جسده، وعن راتب كان يوماً طوق النجاة فتحوّل إلى خيال.

قطع الرواتب بلا سابق إنذار جرّد الأسرة من أمنها الاقتصادي، وحوّل الحياة اليومية إلى اختبارٍ قاسٍ للبقاء. الموظف الذي كان ينتظر نهاية الشهر لتحسين معيشته، أصبح ينتظر معجزة لتأمين رغيف خبز وكيس أرز.

الخدمات العامة في حالة انهيار تام. انقطاع الكهرباء والمياه أصبح مألوفاً، والمرافق الصحية والتعليمية صارت رمزية بلا فاعلية. المواطن يصارع من أجل حقّه في الماء والدواء والتعليم، بينما تنهار مؤسسات الدولة أمام أعين الجميع، دون تدخل أو إصلاح يُذكر.

أما الاقتصاد، فقد بات كظلٍّ هشٍ يسير على أرضٍ متصدّعة. العملة الوطنية تفقد قيمتها بسرعة، والأسعار ترتفع دون سقف أو منطق. الجيوب فارغة، والقلوب مثقلة بالقلق، والأحلام تتبخّر عند أبواب البقالة.

المعيشة اليوم لم تعد صراعاً مع الغلاء فقط، بل مواجهة صريحة مع الجوع. كل وجبة تُشكّل تحدياً، وكل يومٍ جديد يحمل وجعاً أشدّ. الشعب لم يخرج للهو أو للتظاهر فقط، بل خرج ليصرخ : 

" نريد أن نعيش ".