إيرانُ حكاية التأسيس ورحلة التوظيف ..
إشارة للعنوان أعلاه ونظرا لما ارتكبه المستعمر البريطاني في اغتصابه للشرقين الأقصى والأدنى وما نتج عن ذلك من إعادة رسمه لخرائط الشرقين المذكورين وما أفرزه ذلك (الرٌَسْم) من واقع جديد فُتتت خلاله كيانات وأُقيمت كيانات أخرى وأنشئت على ضوئه دول ومُزقت أخرى ورُسمت حدودُُ وأُلغيت أخرى وتم الضم والالحاق والفصل والتجزئة .
ولسنا هنا بصدد الحديث عما تعرضت له القارة الهندية أو وقع للامبراطورية العثمانية أوالذي حصل مع القارة الأفريقية .
بل سنكتفي بتناول ما يخص إيران وحدها وهذه النقطة هي محط تسليط ضوئنا والهدف من تناولتنا .
فما الذي أرادته بريطانيا وحلفاؤها من عملية (إنتاج إيران بهذه الجغرافيا الكبيرة وبهذا التنوع والتوسع) ؟ !
الإجابة تتضح من خلال الخارطة المعاد تشكيلها والتي وضعها البريطاني على عينه ومن خلال (المنفوخ فيه) حيث كرست هذه الخارطة الجديدة تقاسم النفوذ ومنحت إيران نصيب الأسد فقد خُدِمت إيران من الشرق والشمال الشرقي بتقسيم القارة الهندية إلى ثلاث دول (الهند ، باكستان ، بنجلاديش) مع الإبقاء على كشمير موضع نزاع حاد كقنبلة موقوتة قابلة للانفجار بأي لحظة وتم تفتيت وتقطيع الدولة العثمانية في الاتجاه الشمالي والغربي لإيران وبالنسبة للعرب فقد اقتضت مصلحة بريطانيا وحلفاؤها إنتاج إيران بهذا الشكل على حساب العرب الذين تم تمزيقهم وزرع القنابل الموقوتة في أوساطهم وأطرافهم ومن بين أيديهم وعن أيمانهم وشمائلهم .
وقد حرصت بريطانيا
على التوسعة في جغرافية إيران حيث أضافت وضمت لها مساحات كبيرة جدا كالأقاليم البلوشية والخرزية والتركمانية من الشمال والشرق .
أما من الغرب تجاه العرب فقد ضمت بريطانيا لإيران عدد من المساحات (الصافية العروبة) كإقليمي الأحواز وعربستان بالإضافة لعدد من الجزر بالخليج العربي أبرزها (طنب الكبرى ، طنب الصغرى) وليس ذلك فحسب !
بل ومنحتها مضيق العرب وأثبتته في وثائق الاستقلال باسم مضيق (هرمز) بهدف الحفاظ على رمزية (الهرمزان) وناره التي أطفأها العرب .
كيف تم توظيف إيران بعد تشكيل الخارطة ؟
بداية كانت المرحلة الأولى من التوظيف هي مهمة مشتركة بين إيران والكيان الصهيوني لإجهاض المشروع القومي العربي حيث كُلف الكيان الصهيوني بمصر
وكُلفت إيران بالعراق .
وقد كانت الحرب على العراق هي الوسيلة نفسها التي كلف بها الصهيوني ضد مصر .
وبعد تأدية إيران للفصل الأول من مسلسل التوظيف كُلفت بالفصل الثاني ضد العرب حيث حققت وأنجزت من خلال ذلك الآتي :
1-شرعت في بناء أذرعها في العديد من الأقطار العربية
2-أقنعت الأمريكان عبر أدواتها بامتلاك العراق لأسلحة دمار شامل واتخاذ ذلك ذريعة لغزو العراق
3-استلمت العراق من الأمريكان كمكافأة ومن ثم تدمير بنيته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتاريخية وقتل وتهجير وتعذيب الملايين وسرقة الثروات وارتكاب الفضائع ونشر الذائل والموبقات
4-نجحت بأساليبها في إلصاق الإرهاب بالعرب السنة
5-قدمت نفسها للأمريكان كشريك مخلص في محاربة الإرهاب ..
وبعد هذه الانجازات النوعية لإيران بحق العرب أُسندت لها مهمة السيطرة على عدد من الدول العربية ونشر الفوضى والحروب بطابع طائفي وتدميري وباستهداف الأخضر واليابس كمكافأة تتويجية للولي الفقيه وبلاطه .
وليت أن التوظيف انتهى به المطاف هنا !
فبعد أن أدت إيران أدوارها السابقة فإن دورا جديدا ينتظرها وهو :
التخلى عن الصين تماما وسلخها عن ذلك التنين نظرا لأهميتها الجيواستراتيجية والطبوغرافية في الصراع الغربي الصيني وخاصة في وضع العالم الراهن الذي يشهد صدام حضارات . !
وبما أن الصراع الغربي مع الصين هو أول أولويات الغرب عموما والأنجلو سكسونيين على وجه الخصوص في هذا التوقيت بالذات .
فكان لا بد من حمل إيران على أداء هذا الدور مع تجشم صعابه و (تجرع سمومه) وتحمل (أجحاشه) ! وهذا هو حال الأجير الرخيص والوليد غير الشرعي مع المسافح في العرض والمغتصب للأرض .
وما على العرب إلا الشروع في ترتيب صفوفهم والسعي لاستعادة وضعهم اللائق بهم .
ويبقى السؤال :
أكووو عرب ؟ !