دعوني أكون يمنيا.. لا تابعا!
في مجتمعنا اليمني، لم يعد يسمح لك أن تعجب بشيء، أن تحضر فعالية، أو تكتب رأيًا، دون أن توضع على الفور في خانة، ويطلق عليك تصنيف سياسي جاهز.
تجلس يوما في مجلس اشتراكي؟ أنت اشتراكي.
تشرب قلص شاهي عند صديق إصلاحي؟ خلاص، انضميت.
تضحك في مناسبة مع مؤتمري؟ إذا، واضح انك موتمري.
تكتب منشورا يمدح مبادرة أو يساند قضية؟ أكيد، أنت تشتغل معهم.
تكتب في صحيفة؟ يعني أنت موظف فيها وتنفذ أجندتها.
تعجب بمشروع يخدم الناس؟ واضح أنك تابع للجهة المنفذة!
ما هذا الخلل في التفكير؟
متى صار العقل اليمني محاصرا لهذا الحد؟ متى أصبحنا نربط كل فعل أو كلمة بخلفيات لا وجود لها إلا في رؤوسنا؟ لماذا لا نصدق أن الإنسان ممكن يكون حر ، يقيم المواقف لا الأشخاص ويقف مع الحق لا مع اللون؟
أنا مع من يخدم اليمن.
أنا مع من يضع لبنة لا مع من يهدم بيتا. مع من يداوي جرحا لا من يزرع فتنة.
مع من يوحد لا يفرق.
مع من يزرع الأمل في وطن جرفته الكراهية والدمار.
أنا لا أنتمي إلا لليمن، ولا أردد في سري أناشيد أي تيار. انتمائي هو للناس البسطاء، للمريض الذي ينتظر علاجا، للطالب الذي يريد مدرسة للشارع الذي يحلم بالأمان.
لا تصنفوني بأين جلست، ولا بمن صافحت، ولا بماذا كتبت. صنفوني بما أقدمه، بما أؤمن به، بما أنحاز له حين تظلم الناس.
البلد لا تحتاج مزيدا من الانقسام، بل قلوبا مفتوحة وعقولا حرة. والتاريخ لا يحترم التابع بل يكتب أسماء الأحرار.
اصبح المجتمع مليء بالخوف والشك والنفاق الاجتماعي، لا يثق فيه أحد بأحد. تتحول العلاقات إلى حقول ألغام والكلمة تفسر وفق النوايا المسبقة لا الواقع.
علينا أن نكف عن إطلاق الأحكام. أن نحترم الفرد بصفته إنسانا، لا تابعا لتيار أو جهة. أن نعيد الاعتبار للحوار ونقبل أن يجلس الإنسان في كل المجالس دون أن يفقد هويته. فالعقل لا يباع والانتماء لا يفرض بمكان الجلوس.
دعوني أكون يمنيا فقط.