بين التدمير والبناء.

بقلم: د. عبد الكريم الوزان.

نيلسون مانديلا  ( ١٩١٨-٢٠١٣ )
 الثوري المناهض للفصل العنصري في جنوب إفريقيا ورئيس جنوبها الذي قبع قبل رئاسته خلف القضبان ٢٧ عاما.
دخل خلال فترة رئاسته أحد المطاعم المتواضعة مع حرسه الخاص ، وهناك كان يجلس رجل مسن ما أن شاهده حتى ظل يرتعش والعرق يتصبب منه بغزارة وبالكاد يتناول طعامه. وما أن شاهده مانديلا حتى أمر بإحضاره للجلوس الى جانبه لتناول الطعام سوية. بعدها وفي شدة فزعه استاذن وغادر المرعوب المكان مسرعا. عندها تقدم مرافق الرئيس وهو يتساءل حول كيفية السماح له بالجلوس الى جواره بخاصة انه قد يكون مريضا بسبب ارتعاش يديه. ضحك مانديلا وقال: كلا إنه ليس مريضا، لقد كان السجان المشرف علي وكان يحرمني من النوم والطعام، وحين أطلب جرعة ماء يتعمد سكبها على رأسي، ويتلذذ بعذابي طيلة اشرافه علي. استغرب مرافقه وسأله عن سبب عدم اعتقاله فرد: عقلية الانتقام لاتبني دولة، لكن عقلية التسامح تبني أمة، فالتسامح قوة وليس ضعف.
ياترى كم من الدروس والعبر في تأريخنا العربي والإسلامي تتحدث عن مثل هذه المواقف الشجاعة؟.
إن التسامح عفو عند المقدرة، ولا ينحصر برؤساء دول وأحزاب وقادة ومتنفذين فحسب، بل يبدأ بين الأفراد أنفسهم والأسر والأحبة والأقارب والقبائل وعدد ماشئت. فهو أيمان وتربية أسرية ووعي وترفع وشجاعة وتواضع وإيثار. فهلموا بنا صوب السلام العادل بالنأي عن الأحقاد والانتقام، نتسامح حتى لانهدم أوطاننا بل نبنيها.