الأستاذ القدير رائد الشقي.. شخصية تربوية يُحتذى بها في العطاء والإخلاص بمديرية سباح - يافع

في إطار سلسلة الشخصيات التربوية البارزة التي يتناولها منتدى القارة التربوي بيافع – محافظة أبين، نسلّط الضوء اليوم على إحدى القامات التعليمية التي كرّست حياتها لخدمة التربية والتعليم، وغرست في نفوس الأجيال حبّ العلم والانتماء للمهنة، إنه الأستاذ القدير رائد شيخ حسين أبوبكر الشقي، مدير مدرسة الفقيد محمد يوسف ظَبَة بمديرية سباح، وأحد النماذج التربوية التي جمعت بين التفاني والالتزام، وواصلت مسيرة العطاء رغم الصعوبات.

الميلاد والنشأة

وُلد الأستاذ رائد شيخ حسين أبوبكر الشقي في الأول من سبتمبر عام 1982م، في منطقة ظَبَة بمديرية سباح – يافع، في أسرة بسيطة من آل الشقي، كانت الداعم الأول له في مشواره العلمي والعملي.
وبفضل توجيههم وتشجيعهم المتواصل، واصل دراسته بإصرار حتى أصبح معلماً ناجحاً ومثالاً يُحتذى به في العطاء والانضباط.
الأستاذ رائد متزوج، وله ستة أولاد وبنت، جعل من بيته منارةً للتربية والتعليم كما هو حال مدرسته.

المسيرة التعليمية

بدأ مشواره الدراسي عام 1988م في مدرسة الفقيد محمد يوسف يحيى بمنطقة ظَبَة، حيث تلقّى تعليمه الابتدائي على يد نخبة من المعلمين الأكفاء من أبناء محافظة أبين ومديرية رصد، وكان من أبرزهم الأستاذ عبدالفتاح أحمد شيخ – أطال الله في عمره – الذي ترك بصمة كبيرة في تكوين شخصيته العلمية والتربوية.

ونظراً لعدم توفر الصفوف (سابع وثامن وتاسع) في المدرسة آنذاك، انتقل لإكمالها في مركز مديرية سباح، ثم واصل تعليمه الثانوي في ثانوية معاذ بن جبل بالمديرية نفسها، على يد نخبة من التربويين المتميزين، من أبرزهم الأستاذ خالد الجيلاني والأستاذ عبدالمجيد قاسم ناصر.
تخرج من الثانوية عام 2000م، وكان يطمح لمواصلة دراسته الجامعية مباشرة، إلا أن الظروف حالت دون ذلك في حينها.

التعليم الجامعي والمسيرة المهنية

في عام 2001م التحق بـ كلية التربية يافع، وتخرج منها عام 2003م حاصلاً على دبلوم في تخصص المواد الاجتماعية. وكان من بين أساتذته في الكلية نخبة من الأكاديميين المعروفين، منهم: الدكتور علي صالح الخلاقي، والدكتور عيدروس نصر النقيب، والدكتور عبدالحكيم حلبوب، وكان عميد الكلية آنذاك الدكتور عبدالرحمن الوالي.

بعد تخرجه، بدأ مشواره المهني معلماً متطوعاً في مدرسة الفقيد محمد يوسف ظَبَة، وهي ذات المدرسة التي تلقّى فيها تعليمه الابتدائي، ليجسّد أروع صور الوفاء والانتماء للمكان.
وفي عام 2005م تم تعيينه معلماً رسمياً في المدرسة نفسها، وواصل أداء رسالته بكل إخلاص وتفانٍ إلى جانب زملائه من مختلف مناطق أبين ويافع، ومنهم الأستاذ ياسر هيثم عبادي من منطقة رخمة، والأستاذ محمد صالح العبدلي – رفيق دربه منذ الابتدائية حتى الجامعة – الذي انتقل لاحقاً للتدريس في مدرسة سباح.

وفي عام 2013م تم تكليفه مديراً لمدرسة الفقيد محمد يوسف ظَبَة، ليستمر في إدارتها حتى اليوم، جامعاً بين الإدارة الناجحة والعمل التربوي الميداني بروح المسؤولية والعطاء المتواصل.

مجال الارتقاء بالتعليم

في إطار جهوده المستمرة للارتقاء بالعملية التعليمية على مستوى مديرية سباح، عمل الأستاذ رائد شيخ حسين الشقي موجِّهاً تربوياً لمدة عامين لعددٍ من المدارس ضمن برنامج دعم التعليم للمعلمين المتعاقدين الممول من الصندوق الاجتماعي للتنمية – قطاع التعليم عام 2021م، حيث أسهم من خلال مهامه في تحسين الأداء التعليمي ومتابعة تنفيذ الخطط التربوية.
وفي عام 2025م واصل عطائه في مجال تطوير التعليم، من خلال عمله مدرّباً وموجّهاً في برنامجي التعليم التعويضي والقراءة الإثرائية، مقدّماً خبراته التربوية لتأهيل الكوادر وتحفيز المعلمين على تبني أساليب تعليمية حديثة تسهم في رفع مستوى التحصيل العلمي لدى الطلاب.

المساهمات المجتمعية والأعمال الإنسانية

لم يقتصر دور الأستاذ رائد شيخ الشقي على الجانب التربوي، بل كان له حضور بارز في المساهمات المجتمعية والإنسانية، إذ كان من أبرز الداعمين والمشجعين للأهالي في مشروع بناء الوحدة الصحية بقرية ظَبَة – سباح عام 2021م، وأسهم بإخلاص في الإشراف على تأسيس هذا المرفق الحيوي الذي خفف كثيراً من معاناة السكان في المنطقة والقرى المجاورة.

وفي عام 2024م شارك في مبادرة إنسانية ومساهمة مجتمعية لبناء سكن العاملين الصحيين والمعلمات، وهو مشروع أُقيم بدعم الأهالي والمغتربين وفاعلي الخير، وكان الأستاذ رائد من أبرز المساهمين فيه مادياً ومعنوياً، إلى جانب مشاركته الميدانية في أعمال البناء، مجسداً أسمى صور التكاتف الاجتماعي وروح المسؤولية.

وقد شكلت هذه الأعمال والمبادرات الإنسانية نقلة نوعية في المشهد المجتمعي بالمنطقة، وأسهمت في تعزيز روح التعاون والتكافل بين أبنائها، لتبقى بصماته شاهدة على العطاء والإخلاص الذي اتسمت به مسيرته التربوية والإنسانية.

رسالة وإرث تربوي

يُعرف الأستاذ رائد الشقي بحرصه على الانضباط المدرسي والمتابعة المستمرة للطلاب والمعلمين، وباهتمامه بتفعيل الأنشطة الصفية واللاصفية، وتطوير الأداء التعليمي في مدرسته.
كما يتمتع بعلاقات طيبة مع زملائه وأولياء الأمور، ويُعدّ من الشخصيات التربوية التي تعمل بصمت وإخلاص، واضعاً نصب عينيه بناء جيلٍ واعٍ ومثقفٍ يخدم وطنه ومجتمعه.

خاتمة

لقد شكّل الأستاذ رائد شيخ حسين الشقي مسيرةً تربويةً حافلةً بالعطاء والإنجاز، واستطاع أن يخلّد اسمه بين المعلمين المخلصين الذين حملوا راية التعليم رغم التحديات.
وسيظل نموذجاً يُحتذى به في الإصرار والالتزام والوفاء للمهنة التي أحبها، ورسالة التعليم التي نذر لها حياته.