هواجس
وداعا" للقلوب التي قابلتها واحببتها وتعانقت في سويداء قلبي أرواحنا وداعا" لمن كنت أحن إليه وأشتاق إلى رؤيته ولمن عشقته وكان مصدر إلهامي وسر سعادتي ولمن سكن ذات يوم في شغاف قلبي وداعا"لأيام الطفولة وزملائي واللعب بين الأشجار في الوديان والمراعي ولحظات المشي صباحا"في مزارع الذرة والضباب يداعب وجوهنا عند ذهابنا ألى المدرسة وداعا" للمدن والبوادي التي طفت بشوارعها وأزقتهاوللأنهر التي مشيت على ضفافهاوسحر المدن التي تحتضنها وجمال نساءها وطيب نسيمها وداعا" لجلسات السمر في الليالي المقمرات مع الأهل والخلان ولكل الطرق التي مريت بها ذات يوم في الوديان وأعالي وسفوح الجبال والصحاري وداعا" لكل أحبابي وأصدقائي وحتى لمن تحدثت معه يوما" على قارعة الطريق وداعا"للشواطئ التي أسعدتني تلك التي أبوح لها بكل مافي نفسي وتحفظ كل أسراري على سواحل عدن وأبين وسقطرى وسواحل بحر قزوين والبحر الأحمر وبحرنا العربي..وداعا" لسنوات عمري وريق الشباب والزمن الجميل..وداعا"لأيام المغامرات والهوى وحتى لحظات الصدف والخوف من المجهول..الوداع.. الوداع..أنها ليست لحظة أحتضار في أنتظار الموت الذي لامفر منه أيها الأحباب أنه أشد إيلاما" من الموت نفسه أنه الموت البطئ الذي ينخر عظامنا ويسرق أحلامنا ويقتل آمالنا ويشيب منه أطفالنا عند الفجر ويشيخ شبابنا قبل الآوان أنها تلك الحياة البائسة التي نعيشها في سجون مظلمة فرضتها علينا قوى ظالمة تلك القوى التي دمرتنا وبدلت أناشيدنا وأغانينا إلى أهازيج مرعبة تصدح من كل شارع وحارة تدق نواقيس الحروب في أوطاننا..أنها تلك التي بدلت أحوالنا حتى صار الواحد منا لايجد مايسد جوعه وان وجد لا يستطيع أن يقدم العون لجاره أو لأخيه أو يزور مريضه.
أسال الله القدير ان يفك أسرنا ونرى النصر المؤزر قريبا" ونعيش حياة كريمة قبل ان يقبض ملك الموت أرواحنا.


