حين تتعرّى الأقنعة: المجلس الانتقالي في مواجهة التمرد المقنّع بالشرعية
إن محاولات تشويه الواقع القائم في الجنوب، مهما تصاعدت حدّتها، لن تغيّر من الحقائق شيئًا. فالرواية التي تسعى إلى تصوير المشهد على أنه صراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي و«الشرعية» هي قراءة مضللة تتجاهل جوهر الأزمة ومسارها الحقيقي. الواقع السياسي والميداني يؤكد أن الجنوب كان ولا يزال الركيزة الأساسية للشرعية، وقوتها الفاعلة، والعامل الحاسم في منع انهيارها الكامل خلال المراحل الأكثر تعقيدًا.
وفي هذا السياق، يضطلع المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي بدور محوري في إدارة هذه المرحلة الحساسة، إلى جانب القوات المسلحة الجنوبية والأمن الجنوبي، الذين أثبتوا على الأرض أنهم صمام الأمان الحقيقي لحماية الجنوب، وترسيخ الاستقرار، ومواجهة شبكات الفساد، ومحاربة الإرهاب بكافة أشكاله، ضمن مسؤولية وطنية واضحة، وبما يخدم أمن المنطقة واستقرارها.
الصراع القائم ليس بين مكوّنات الشرعية، بل بين مشروع دولة يسعى لبناء مؤسسات فاعلة، وحماية القرار السيادي، وتعزيز سيادة القانون، وبين قوى اتخذت من مسمى الشرعية غطاءً لممارسات أضعفت مؤسسات الدولة، وحيّدت الجبهات، وكرّست شبكات نفوذ واقتصادات ظل أضرت بالمصلحة الوطنية العليا.
على مدى سنوات، جرى توظيف اسم الشرعية لتصفية الحسابات السياسية، وتعطيل المواجهة الحقيقية، في وقت كان الإرهاب والفساد يتمددان دون رادع. واليوم، عندما يتحرك الجنوبيون، بقيادة سياسية واضحة وقوات نظامية منضبطة، لحماية المؤسسات العامة، وتأمين المدن، وفرض النظام، تُوجَّه إليهم اتهامات لا تستند إلى واقع، ويتم تقديم هذه الجهود على أنها «خطر على الدولة»، بينما الحقيقة أن جوهر الدولة يتمثل في الأمن، والاستقرار، وحماية المواطنين.
الجنوب لا يقف في مواجهة الشرعية، بل يعمل من داخلها ويحميها على الأرض. وأي استهداف لدور المجلس الانتقالي الجنوبي أو للقوات المسلحة والأمن الجنوبي هو في جوهره خروج عن التوافق السياسي، وتجاهل لقرارات مجلس القيادة، وإنكار لواقع ميداني أثبت أن الاستقرار لا يتحقق إلا عبر شراكة حقيقية ومسؤولة.
فالشرعية ليست ملكًا لحزب أو جماعة، ولا يمكن اختزالها في شعارات تُستخدم للضغط أو الابتزاز. هي شراكة وطنية جامعة، والجنوب فيها طرف رئيسي وفاعل، أثبت التزامه العملي ببناء المؤسسات، ومكافحة الفساد، وتجفيف منابع الإرهاب، وترسيخ الأمن كمدخل أساسي لأي حل سياسي مستدام.
لقد آن الأوان لتصحيح الخطاب ووضع النقاط على الحروف: من يبني مؤسسات أمنية وطنية، ويحمي المدن، ويحارب الفساد والإرهاب، ويعمل على توحيد القرار، هو من يجسد مفهوم الدولة. أما تعدد مراكز القوة، وخلق جيوش وهياكل موازية، وإدارة الموارد خارج الأطر الرسمية، فهي ممارسات تقوّض الدولة ولا تخدم مستقبلها.
إن المرحلة الراهنة تتطلب خطابًا سياسيًا مسؤولًا، وإرادة وطنية صادقة، تضع مصلحة الوطن فوق الاعتبارات الضيقة. فزمن الالتباس قد انتهى، وبدأت مرحلة تصحيح المسار، على أساس الشراكة، واحترام الواقع، والعمل الجاد نحو دولة مستقرة، آمنة، ذات سيادة وقانون.


