ضد الطفولة .. إلتقاءُُ مذمومُُ وتحالفُُ مشئومُُ ..
في صورة هي الأشد غرابة في تاريخ البشر وتعتبر الأكثر نأيا بالانسان عن إنسانيتة ومثلت أسوأ مشهد في فصول حياته إنتكاسا وارتكاسا حيث اجتمع المتضادُّون من البشر في موقف واحد والتقى المختلفون منهم حول موضوع واحد واندمج المتباينون وانصهرت أحلافهم ومحاورهم في بوتقة واحدة !
تلك البوتقة وذلك الموقف المُلتف حوله أو - بالأصح - المتواطأ عليه هو موقفهم من الطفولة وما أدراكم ما الطفولة ! الطفولة التي عُنِيت بها الخليقة كتكليف فوق فطري وكالتزام سبق الإنسان إلى الأرض وتجاوز السلوك على مدارات الحياة وأنساق الخليقة بغض النظر عن (الجنس واللون أو العرق والمعتقد أوالجغرافيا والتاريخ)
وبما أن الطفولة (كينونة ومنزلة وحقوقا وأهمية) خُصّت بوجوب الرحمة ولزوم العطف وضرورة الإيجابية في الشرائع والقوانين - فوق أي أرض وتحت أي سماء - بل ووُطِّن لها في قلوب الخلائق قاطبة بداية بالملائكة مرورا ببني آدم وانتهاء بالعجماوات قاطبة .
فإن المهول المذهل حقا في عصرنا هذا - والذي يعتبر عصر (الإنسان وحقوقه) واكتمال رقيه العلمي والفكري والمعرفي والمادي - إلا أن الطفولة تعيش أسوأ مراحل المواقف منها وأشق حقب التواطؤ ضدها وأبشع صور تعذيبها وأقذر موجات امتهانها وذروة انتهاك إنسانيتها وقمة دوس كرامتها وأقبح فصول مصادرة حاضرها ومستقبلها .
لقد تواطأ من يسمون أنفسهم (أتباع الشرائع السماوية والوضعية)
تواطأ الجميع على الفتك بالطفولة بسلب حاضرها ومصادرة مستقبلها مادة ومعنى وذهنية وتصورا ولا أدَلَّ على ذلك من إطلاق النار على لُعب هؤلاء الأطفال وليس تكسيرها وسرقتها فحسب ! بل وإحراقها في أحايين أخرى إمعانا في طمسها حتى من أشلاء ممزقة وربما بعثرات خيالات طائفة قد تمر كأضغاث من أحلام زائفة .
إنه حِلفُُ مشئوم إصطفت فيه البشرية رغم خلافها وتبايناتها وانخرطت فيه عن بكرة أبيها مجسدة أولوياتها في قمع الطفولة والتفنن في العبث بها والتعامل معها كأوراق في أسواق النخاسة وبورصات الساسة للضغط والمزايدة والمناقصة والمقامرة !
وهذا ليس حدثا يمكن تجاوزه !
بل إنه (خَطْبُُ جللُُ) تجاوز مربعات السقوط الأخلاقي وتموضع في هوامش الشذوذ القيمي وبه أَخْرَجَت الانسانية نفسها خروجا كليا عن منظومة الأنْسنة وأُطُر الآدمية وسمات البشرية .
فما أقبح قساوة القلوب وقد نفدت منها القيمة واستؤصلت منها المشاعر !
وما أسوأ الآدمي وقد رجحت بآدميته كفة الجَلْمَدة !
فيا لها من خيبة أن يصبح الصخر مأمولا جوده بماء في الوقت الذي تلاشى فيه أمل عودة النفس البشرية إلى فطرتها أو صحوتها من غفلتها !
ولئن قال منصفُُ يوما : ربما تَذكَّرتِ الحجارة ربها فهبطت خشية له !
فإن الأكثر إنصافا سؤالُنا :
يا تُرى الآدمي متى يشعر أن روحاََ (منفوخةََ) فيه من ربه ؟ وأنه هو مَصْنوعُُ على (عين) ربه ومُسَوَّىََ (بيده) ؟ ! ...


