تصعيد الجنوب والشرق .. طريق خطير نحو الخسارة الشاملة

يشهد الوطن مرحلة بالغة الحساسية، تتداخل فيها التحديات الأمنية والسياسية والاجتماعية مع تعقيدات الواقع المعيشي والإنساني، ما يجعل أي تصعيد في المحافظات الجنوبية والشرقية خطوة محفوفة بالمخاطر، وقد تقود، في حال استمرارها، إلى نهاية كارثية.


إن تعقيد وتصعيد الوضع في هذه المحافظات لن يفضي إلا إلى خسارة الجميع، وفي مقدمتهم أطراف ومكونات الشرعية نفسها، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، كما سيؤدي ذلك إلى تعقيد فرص الحل العادل والمشروع للقضية الجنوبية، وإطالة أمد معاناة المواطنين.


وما شهدته محافظتا حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية من تطورات خطيرة ومتسارعة، كان آخرها اقتحام معسكرات، وكمائن مسلحة، وقصف الطيران السعودي في وادي نحب بحضرموت، يمثل مؤشراً مقلقاً للانزلاق نحو مزيد من الصراع والعداء والانقسام.


إن هذا المسار لا يخدم سوى المشروع الحوثي، الذي يعيش ويتقوى على وقع الانقسامات والصراعات والخلافات بين مكونات الشرعية، ويستثمر حالة التشرذم لإطالة أمد انقلابه وتقويض فرص استعادة الدولة.

وعليه، فإن المسؤولية الوطنية تفرض على جميع القوى والمكونات السياسية والاجتماعية، وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي، إدراك خطورة المرحلة، وتغليب المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار، ورصّ الصفوف وتوحيد الكلمة، وتحمل المسؤولية التاريخية لإنقاذ البلاد من الانهيار، والتفرغ لمواجهة العدو المشترك المتمثل في ميليشيا الحوثي، واستعادة الدولة والجمهورية.


وخلال هذه الأحداث لا يمكن إغفال الدور الإيجابي الذي اضطلع به المجلس الانتقالي الجنوبي في كشف وإغلاق طرق وثغرات تهريب الأسلحة من محافظة المهرة إلى الميليشيات الحوثية، وكشف وإيقاف عمليات تكرير وتهريب النفط التي كانت تتم في محافظة حضرموت لحساب قيادات متنفذة خارج إطار الدولة.


وانطلاقاً من هذا الدور، فإن المطلوب اليوم من المجلس الانتقالي تقديم بعض التنازلات، ومراجعة قراراته المتعلقة بالمحافظات الشرقية، من أجل الوطن وأمنه واستقراره، والحفاظ على وحدة وقوة مكونات وفصائل الحكومة والقيادة الشرعية.


كما أن الحفاظ على سلمية وعدالة القضية الجنوبية يقتضي توحيد الصف الداخلي، والالتزام بالشراكة مع قيادة دول التحالف العربي، وتوجيه كافة الجهود والإمكانات نحو مواجهة واقتلاع الميليشيات الحوثية، واستعادة الدولة.


إن تلاحم الصف الجمهوري، وتوحيد الكلمة والهدف، والنجاح في القضاء على الميليشيا الحوثية، واستعادة الدولة، هو المدخل الحقيقي لتهيئة الأجواء المناسبة لمناقشة وحل القضايا الوطنية كافة، وفي مقدمتها القضية الجنوبية، التي لن تجد حلولها العادلة إلا عبر الحوار والتوافق، ضمن مشروع وطني جامع يحمي الدولة، ويخفف من معاناة المواطنين، ويضع اليمن على طريق السلام والاستقرار.