جعار… مدينة الذاكرة التي لا تغيب عن القلب
كتب: محفوظ كرامة
في صباح هذا الأحد، جمعني لقاء صدفة مع الدكتور :الخضر الفاطمي رئيس مؤسسة شركاء للتنمية بمكتب مدير الإعلام بمحافظة أبين الدكتور ياسر باعزب، بحضور الدكتور فوزي النخعي. وبعد استعراضنا مع مدير المكتب أهم القضايا العامة، انحدر بنا الحديث نحو ماضي مدينة جعار، تلك المدينة الوديعة، حاضرة مديرية خنفر وعاصمتها الثقافية والتاريخية.
استعاد الدكتور الفاطمي ذكرياته القديمة، قائلاً: "كنت صغيراً حين قدمت من الريف إلى جعار لألتحق بالدراسة، فانبهرت بطبيعة الناس وودهم، بشغفهم بالمحبة وكأنهم أسرة واحدة، لا ضغينة ولا كراهية، بل ألفة ومحبة وازدهار بكل ما تعني الكلمة."
في خمسينيات القرن الماضي، كانت جعار تزهو كفسيفساء للمجتمع اليمني، تضم أطيافاً اجتماعية وسياسية من مختلف المناطق، وتعج بالحركة والنشاط، خصوصاً في محطة أبين بورت، أول منشأة للآليات الزراعية، التي أنشأتها بريطانيا بعد انسحابها من مستعمراتها في الهند الشرقية، لتكون أول استثمار زراعي في دلتا أبين لزراعة القطن طويل التيلة، بعد نجاح تجارب زراعته في أبين وأراضيها الخصبة.
تحدثنا عن مظاهر الحياة في تلك الحقبة، فأكدت للشيخ الحسني ما قاله، مستعرضاً ذكرياتي: كنا نخرج في الصباح الباكر إلى المدرسة، وسط روائح الخبز بالسمن التي تنبعث من البيوت، وترافقها أنغام إذاعة عدن، بأصوات فناني الزمن الجميل؛ كأغنية "يا حبيبي يسعد صباحك، الصباح نور وبهاء" للفنانة صباح منصر، و"هيب هيب بالباكر" للفنان الكبير محمد محسن عطروش، وغيرهما من الأغاني التي كنا نتعرف فيها على الفنان وكاتب الكلمات والملحن، بعكس زمن السرعة اليوم، حيث الأغاني تُبث بلا هوية.
أضفتُ للشيخ الحسني أن مدينة جعار حصلت في ستينيات القرن الماضي على جائزة المدنية الحاضرية الأولى من الأمم المتحدة، وذكرني بدوره بالعديد من التفاصيل الجميلة، مؤكدًا على ضرورة توثيق تاريخ هذه المدينة ليظل متاحاً للأجيال القادمة.
قلت له إن الأستاذ والكاتب محمد ناصر العولقي، رئيس نقابة الصحفيين الجنوبيين، يعمل على هذا المشروع، ويملك أرشيفاً ضخماً من الصوره والمعلومات التي تؤرخ لماضي المدينة وتروي قصتها الحية